علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد، وعلى ذلك السلف الأولون، والصدر الصالح كذلك في كل علم، وفي الإقراء والإفتاء، خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطا، وإنما اصطلح الناس على الإجازة؛ لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم، لقصور مقامهم عن ذلك. والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط، فجعلت الإجازة كالشهادة من [الشيخ للمجاز] بالأهلية.
فائدة ثانية:
ما عتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مال في مقابلها لا يجوز إجماعا؛ بل إن علم أهليته وجب عليه الإجازة، أو عدمها حرم عليه، وليس الإجازة مما تقابل بالمال، فلا يجوز أخذه عنها، ولا الأجرة عليها، وفي فتاوى الصدر موهوب الجزري: من أنه سئل عن شيخ طلب/ من الطالب شيئا على إجازته، فهل للطالب رفعه إلى الحاكم وإجباره على الإجازة؟ فأجاب: لا تجب الإجازة على الشيخ، ولا يجوز أخذ الأجرة عليها.
وسئل -أيضا- عن رجل أجازه الشيخ بالإقراء، ثم بان أنه لا دين له، وخاف الشيخ من تفريطه فهل له النزول عن الإجازة؟ فأجاب: لا تبطل