وقيل: إنما لم ينزل جملة واحدة لأن منه الناسخ والمنسوخ، ومنه جواب سؤال، ومنه إنكار على قول قيل، أو فعل، أو إقرار، والحاصل: أن الآية تضمنت كلاً من هاتين الحكمتين. قوله:(لنثبت به فؤادك) للأول، وقوله:(ولا يأتونك بمثل)[الفرقان: ٣٣] للثاني.
ولنزوله مفرقاً حكمة أخرى، وهو: ما أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إنما نزل أول ما نزل منه سور من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس لإلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء " لا تشربوا الخمر "، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبداً.
أقول: ويمكن أن تستفاد هذه الحكمة من قوله تعالى: " ورتلناه ترتيلاً "[الفرقان: ٣٢]. ويدل لما ذكر ما وقع لبني إسرائيل، أخرج ابن أبي حاتم غن ثابت بن الحجاج قال: جاءتهم التوراة جملة واحدة فكبر عليهم، فأبوا أن يأخذوهم حتى ظلل الله عليهم الجبل، فأخذوه.
فائدة أخرى:
الذي يظهر من سياق الأحاديث، أن القرآن كان ينزل على حسب الوقائع