قال ابن [أبي] الأصبع: لا تخرج فواصل القرآن عن أربعة أشياء: التمكين، والتصدير، والتوشيح، و [والإيغال].
فالتمكين ويسمى ائتلاف القافية: ان يمهد للقرينة، أو الشاعر للقافية وتميدا تأتي به القافية أو القرينة متمكنة في مكانها، مستقرة في قرارها، مطمئنة في موضعها، غير نافرة ولا قلقة، متعلق معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت لاختل المعنى، واضطرب الفهم، وبحيث لو سكت عنها كله السامع بطبعه. ومن أمثلة ذلك:
{يا شعيب أصلوتك تأمرك أن تترك ... }[هود: ٨٧] فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاوة ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات، والرشد يناسب الأموال، وقوله: {أولم يهد لهم كم أهكلنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم عن في ذلك لآيات أفلا يسمعون (٢٦) أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز .. {إلى قوله: {أفلا يبصرون}[السجدة: ٢٦، ٢٧] فأتى في الآية الأولى: {يهد لهم {وفيها: {يسمعون}، لأن الموعظة فيها مسموعة، وهي أخبار القرون، وفي الثانية ب} يروا {وختمها ب} يبصرون {لأنها مرئية.