مبنية على الضم تشبيهاً بالغابات، فإن الإضافة إلى الجملة كلا إضافة، ولهذا قال الزجاج في قوله تعالى:{من حيث لا ترونهم}[الأعراف: ٢٧]: ما بعد حيث صلة لها، وليست بمضافة إليه، يعني أنها غير مضافة للجملة بعدها فصارت كالصلة لها، أي: كالزيادة وليست جزءاً منها. وفهم الفارسي أنه أراد أنها موصولة، فرد عليه.
ومن العرب من يعربها، ومنهم من يبنيها على الكسر لالتقاء الساكنين، وعلى الفتح، ويحتملها قراءة من قرأ: {من «حيث» لا يعلون} [الأعراف: ١٨٢، القلم: ٤٤] بالكسر، {الله أعلم «حيث» يجعل رسالته} [الأنعام: ١٢٤] بالفتح.
والمشهور أنها لا تتصرف، وجوز قوم في الآية الأخيرة كونها مفعولاً به على السعة، قالوا: ولا تكون ظرفاً؛ لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان، ولأن المعنى أنه يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة؛ لأشياء في المكان، وعلى هذا فالناصب لها «يعلم» محذوفاً مدلولاً عليه بأعلم لا به؛ لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به إلا إن أولت بعالم.
وقال أبو حيان: الظاهر إقرارها على الظرفية المجازية، وتضمين أعلم معنى ما يتعدى إلى الظرف، والتقدير: الله أنفذ علماً [حيث] يجعل، أي: هو [نافذ العلم] في هذا الموضع. قال في المغني: وطيء تقول: [حوث] والغالب