من ذلك: الخوف والخشية، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى منه، وهي أشد الخوف، فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أي: يابسة، وهو فوات بالكلية، والخوف من: ناقة خوفاء، أي: بها داء، وهو نقص، وليس بفوات، ولذلك خصت الخشية بالله في قوله تعالى:{ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}[الرعد: ٢١]، وفرق بينهما أيضاً بأن الخشية تكون من عظم المختشى، وإن كان الخاشي قوياً، والخوف يكون عن ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمرا يسيراً، ويدل لذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة، نحو [شيخ] للسيد الكبير، وخيش لما غلظ من اللباس، ولذا وردت الخشية غالباً في حق الله تعالى في نحو قوله تعالى:{من خشية الله}[البقرة: ٧٤]، {إنما يخشى الله من عباده العلماء}[فاطر: ٢٨].
وأما {يخافون ربهم من فوقهم}[النحل: ٥٠] فيه نكتة لطيفة، فإنه [في] وصف الملائكة، ولما ذكر [قوتهم] وشدة خلقهم، عبر عنهم بالخوف، لبيان أنهم كانوا غلاظاً شدادا، فهم بين يديه تعالى ضعفاء، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة، فجمع بين الأمرين، ولما كان ضعف البشر معلوماً لم يحتج إلى التنبيه عليه.
ومن ذلك: الشح والبخل، والشح: أشد البخل، قال الراغب: الشح بخل مع حرص، وفرق العسكري بين البخل والضن: بأن الضن أصله أن يكون