خلقنا أباكم، ثم صورنا أباكم، ومثله {وكم من قرية أهلكنها فجاءها بأسنا}[الأعراف: ٤]، أي: أردنا إهلاكها، {ثم دنا فتدلى}[النجم: ٨]، أي: أراد الدنو من - صلى الله عليه وسلم -، فتدلى: فتعلق في الهواء، وهذا أولى من قول من ادعى القلب في هاتين الآيتين، وأن التقدير: وكم من قرية جاءها بأسنا فأهلكناها، ثم تدلى فدنا، وقال:
فارقنا من قبل أن نفارقه ... لما قضى من جماعنا وطرا
أي: أراد فراقنا.
وفي كلامهم عكس هذا، وهو التعبير بإرادة الفعل عن إيجاده، نحو:{ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله}[النساء: ١٥٠]، بدليل أنه قوبل بقوله - صلى الله عليه وسلم - {ولم يفرقوا بين أحد منهم}[النساء: ١٥٢].
والرابع: القدرة عليه: نحو {وعدا علينا إنا كنا فعلين}[الأنبياء: ١٠٤]، أي: قادرين على الإعادة، وأصل ذلك أن الفعل يتسبب عن الإرادة والقدرة، وهم يقيمون السبب مقام المسبب، وبالعكس، فالأول نحو:{ونبلوا أخباركم}[محمد: ٣١]، لأن الابتلاء: الاختبار، / وبالاختبار يحصل العلم، وقوله تعالى:{هل يستطيع ربك} الآية [المائدة: ١١٢]، في قراءة غير الكسائي {يستطيع} بالغيبة، و {ربك} بالرفع. معناه: هل يفعل ربك؟ فعبر عن الفعل الاستطاعة، لأنها شرطه، أي: هل ينزل ربك مائدة إن دعوته؟ ومثله:{فظن أن لن نقدر عليه}[الأنبياء: ٨٧]، أي: لن نؤاخذه، فعبر عن المؤاخذة بشرطها، وهو القدرة عليها، وأما قراءة الكسائي، فتقديرها: هل تستطيع سؤال ربك؟ فحذف المضاف، أو هل تطلب طاعة ربك في إنزال المائدة؟ أي: استجابته.
ومن الثاني:{فاتقوا النار}[البقرة: ٢٤]، أي: فاتقوا العناد الموجب للنار.