في ملتهم قط، بخلاف الذين آمنوا معه، ومثله:{جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه}[الشورى: ١١]، فإن الخطاب فيه شامل للعقلاء والأنعام، فغلب المخاطبون والعاقلون على الغائبين والأنعام، ومعنى: [يذرؤكم فيه} يبثكم ويكثركم في هذا التدبير، وهو أن جعل للناس وللأنعام أزواجاً حتى حصل بينهم التوالد، فجعل هذا التدبير المنبع والمعدن للبث والتكثير، فلهذا جيء بـ (في) دون الباء، ونظيره:{ولكم في القصاص حيوة}[البقرة: ٢٤]، وزعم جماعة أن منه:{يا أيها الذين آمنوا}[البقرة: ١٠٤]، [ونحو:{بل أنتم قوم] تجهلون}[النمل: ٥٥]، وإنما هذا من مراعاة المعنى، والأول من مراعاة اللفظ.
قاعدة:
جمع العاقلات لا يعود عليه الضمير غالباً إلا بصيغة الجمع، سواء كان للقلة أو للكثرة، نحو قوله تعالى:{الوالدات يرضعن}[البقرة: ٢٣٣]، {والمطلقات يتربصن}[البقرة: ٢٢٨]، وورد الأفراد في قوله تعالى:{أزواج مطهرة}[البقرة: ٢٥]، ولم يقل:«مطهرات»، وأما غير العاقل فالغالب في جمع الكثرة الإفراد، وفي القلة الجمع، وقد اجتمعا في قوله تعالى:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً}، إلى أن قال تعالى:{منها أربعه حرم}، ثم قال تعالى:{فلا تظلموا فيهن}[التوبة: ٣٦]، فأعاد جمعاً على {أربعة حرم}، وهي للقلة، وذكر الفراء لهذه القاعدة سراً لطيفاً، وهو: أن المميز [لمن] مع [جمع] الكثرة وهو ما زاد على العشرة لما كان واحداً وحد الضمير، ومع القلة وهو العشرة فما دونها، لما كان جمعاً جمع الضمير.
قاعدة:
إذا اجتمع في الضمائر مراعاة اللفظ والمعنى بدئ باللفظ، ثم بالمعنى، هذا