يعلم أن معنى قول القائل: هذا الكلام أبلغ من هذا الكلام. أن هذا موضعه له حسن ولطف، وذاك في موضعه له حسن ولطف، وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذلك في موضعه.
فإن من قال:{قل هو الله أحد}[الإخلاص] أبلغ من {تبت يدا أبي لهب}[المسد] يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر، وذلك غير صحيح، بل ينبغي أن يقال:{تبت يدا أبي لهب} دعاء عليه بالخسران، فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه؟ . وكذلك في {قل هو الله أحد} لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها؛ فالعالم إذا نظر إلى {تبت يدا أبي لهب} في باب الدعاء بالخسران، ونظر إلى {قل هو الله أحد} في باب التوحيد، لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الأخرى. انتهى.
وقال غيره: اختلف القائلون بالتفضيل، فقال بعضهم: الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انفعالات النفس، وخشيتها، وتدبرها، وتفكرها عند ورود أوصاف العلا.
وقيل: بل يرجع لذات اللفظ، وأن ما تضمنه قوله تعالى {وإلهكم إلهٌ واحد} الآية [البقرة: ١٦٣]، و (آية الكرسي)، وآخر سورة (الحشر)، وسورة (الإخلاص)، من الدلالات على وحدانيته وصفاته، ليس موجودا مثلا في مثل {تبت يدا أبي لهب} وما كان مثلها، فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها.
وقال الحليمي ونقله عنه البيهقي: معنى التفضيل يرجع إلى أشياء:
أحدها: أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس،