وجعل منه أبو عبيدة قوله تعالى:{إلا مكاءً وتصديةً}[الأنفال: ٣٥]، أي: تصددة.
[تأكيد المدح بما يشبه الذم]
قال ابن أبي الإصبع: هو في غاية العزة في القرآن، قال: ولم أجد منه إلا [آية] واحدة وهي قوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله}[المائدة: ٥٩] الآية. فإن الاستثناء بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان، يوهم أن ما يأتي بعده مما يوجب أن ينقم على فاعله، مما يذم به، فلما أتى بعد الاستثناء ما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنًا تأكيد المدح بما يشبه الذم. قال الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى- قلت: ونظيرها قوله تعالى: {الذين أخرجوا من ديارهم بغير حقٍ إلا أن يقولوا ربنا الله}[الحج: ٤٠]؛ فإن ظاهر الاستثناء، أن ما بعده حق يقتضي الإخراج، فلما كان صفة مدح يقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيدًا للمدح بما يشبه الذم.
وجعل منه التنوخي في «الأقصى القريب» قوله: {لا يسمعون فيها لغوًا ولا تأثيمًا * إلا قيلًا سلامًا سلامًا}[الواقعة]، استثنى {سلامًا سلامًا} الذي هو ضد اللغو