والمعلومات كلها حاضرة عند الحق جل شأنه بإشراق قدسه، فلذا ترى من لا يفهمه يخضع لسماعه، وتأثر به أشد التأثير.
ومما يقرب من هذا المعنى ما نقل عن الإمام أحمد رضي الله عنه أنه حضر مجلس بعض أهل الحقيق مختفيًا، فتكلم ذلك العارف بأنواع من العرفان والحقائق، فسأل الإمام أحمد رضي الله عنه فقال: لم أفهم مما يقول شيئًا غير أن على كلامه صولة ليس بصولة مبطل، فالقرآن الشريف معجز بألفاظه الفصيحة، ومعانيه البليغة وصولة متكلمة، وهذا الوجه في إعجازه عندي والله أعلم).
فصل:
وإنما كان القرآن العزيز معجزًا لأن لفظه الكلام العربي البليغ الراقي في درجة الفصاحة والبلاغة والبراعة إلى الغاية القصوى، ومعناه المعاني الجليلة الفائقة العظيمة التي لا تكون في غيره من الكلام، والمرمى الأعظم هو ما فيه من صولة المتكلم وجلالته وبهائه وأشرافه وحلاوته وطلاوته، وأخذه بالقلوب ولذته النفوس، بحيث لا تمل منه على كثرة [التكرار] ولا يخلق على مر الدوام.
وقال الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى- في الإتقان: اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة، مقرون بالتحدي، سالم عن المعارضة؛ وهي إما حسية وإما عقلية، وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم، وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية