بالعواري والبخل بالهبات، ولهذا يقال: هو ضنين بعلمه، ولا يقال: بخيل، لأن العلم بالعارية أشبه منه بالهبة، لأن الواهب إذا وهب شيئاً خرج عن ملكه، بخلاف العارية، ولهذا قال تعالى:{وما هو على الغيب بضنين}[التكوير: ٢٤]، ولم يقل: ببخيل.
ومن ذلك: السبيل والطريق، والأول أغلب وقوعاً في الخير، ولا يكاد اسم الطريق يراد به الخير إلا مقرونا بوصف أو إضافة تخلصه لذلك، كقوله تعالى:{يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم}[الأحقاف: ٣٠]، [وقال الراغب: السبيل الطريق التي فيها سهولة، فهو أخص].
ومن ذلك: جاء وأتى، فالأول يقال في الجواهر والأعيان، والثاني في المعاني والأزمان، ولهذا ورد {جاء} في قوله تعالى: {ولمن جاء به حمل بعير}[يوسف: ٧٢]، {وجاءوا على قميصه بدم كذب}[يوسف: ١٨]، {وجأئ يومئذ بجنهم}[الفجر: ٢٣]، و {أتى} في: {أتى أمر الله}[النحل: ١]، و {أتها أمرنا}[يونس: ٢٤].
وأما {وجاء ربك}[الفجر: ٢٢] أي: أمره فإن المراد به أهوال القيامة المشاهدة، وكذا {فإذا جاء أجلهم}[الأعراف: ٣٤]، لأن الأجل كالمشاهدة، ولهذا عبر عنه بالحضور في قوله تعالى:{حضر أحدهم الموت}[النساء: ١٨]، ولهذا فرق بينهما في قوله تعالى:{جئنك بما كانوا فيه يمترون وأتينك بالحق}[الحجر: ٦٣، ٦٤]، لأن [الأول] العذاب، وهو مشاهد مرئي، بخلاف الحق.
وقال الراغب: الإتيان مجيء بسهولة، فهو أخص من مطلق المجيء، قال: ومنه قيل للسائل المار على وجهه: أتى وأتاوى.