للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن ذلك التمام والكمال، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} [المائدة: ٣]، فقيل: الإتمام لإزالة نقصان الأصل، و [الإكمال] لإزالة [نقصان العوارض] بعد تمام الأصل، ولهذا كان قوله تعالى: {تلك عشرة كاملة} [البقرة: ١٩٦]، احسن من «تامة»، فإن التمام من العدد قد علم، وإنما نفي احتمال نقص في صفاتها، وقيل: تم يشعر بحصول نقص قبله، وكمل لا يشعر بذلك، وقال العسكري: الكمال اسم لاجتماع أبعاض الموصوف به، والتمام اسم للجزء الذي يتم به الموصوف، ولهذا يقال: القافية/ تمام البيت، ولا يقال كماله، ويقولون: البيت بكماله، أي: باجتماعه.

ومن ذلك: الإعطاء والإيتاء، قال [الخويي]: لا يكاد اللغويون يفرقون بينهما، وظهر لي بينهما فرق ينبئ عن بلاغة كتاب الله سبحانه وتعالى، وهو أن الإيتاء أقوى من الإعطاء في إثبات مفعوله، لأن الإعطاء له مطاوع، تقول: أعطاني فعطوت، ولا يقال في الإيتاء: أتاني فأتيت، وإنما يقال: آتاني فأخذت، والفعل الذي له مطاوع أضعف في إثبات مفعوله من [الفعل] الذي لا مطاوع له، لأنك تقول: قطعته فانطقع، فيدل على أن فعل الفاعل كان موقوفاً على قبول في المحل، لولاءه ما ثبت المفعول، ولهذا يصح: قطعته [فما انقطع]، ولا يصح فيما لا مطاوع له ذلك، فلا يجوز ضربته فانضرب، أو فما انضرب، ولا قتلته فانقل، ولا فيما انتقل، لأن هذه أفعال إذا صدرت من الفاعل ثبت لها المفعول في المحل والفاعل مستقل بالأفعال التي لا مطاوع لها، فالإيتاء أقوى من الإعطاء، قال: وقد تفكرت في مواضع من القرآن فوجدت ذلك مراعى، قال تعالى: {تؤتى الملك من تشاء} [آل عمران: ٢٦]،

<<  <  ج: ص:  >  >>