والقائل: أعوذب بالله مخبر عن حاله ولجئه واعتصامه بربه، وهذا أكمل حالا، ولهذا إنما جاء النبي صلى الله عليه وسلم امتثال هذا الأمر بلفظ أعوذ كقوله:"أعوذب بالله من عذاب جهنم". و"أعوذ بالله من جهد البلاء"، وكذلك سائر عوذه صلى الله عليه وسلم التي فالها والأمر بها، وكذلك أمره أن يقول:{أعوذ برب الفلق}[الفلق: ١]، {قل أعوذ برب الناس}[الناس: ١] دون أستعيذ.
فإن قلت: كيف جاء امتثال هذا الأمر في السورتين بلفظ الأمر والمأمور جميعا، فامر الله جل شأنه أن يقول: : {قل أعوذ برب الفلق}، و {قل أعوذ برب الناس}، فقال: قل: أعوذب، والمأمور به إنما هو قول الاستعاذة لا قول الأمر، كما إذا قال: قل: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، فإنه يقول: سبحان الله، ولا يقول قل: / سبحان الله، فالجواب: أن هذا السؤال هو الذى أورده أبى بن كعب على النبي صلى الله عليه وسلم وأجاب عنه صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري عن [زر] قال: سألت أبى بن كعب عن المعوذتين، فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قيل لي، فقلت فنحن نقول كما قال صلى الله عليه وسلم.