فذكر في هاتين الآيتين أنه جميعه محكم، والمراد بالمحكم بهذا المعنى: كونه كلامًا حقًا، فصيح الألفاظ صحيح المعاني.
وكل] قول [وكلام يوجد، فالقرآن أفضل منه في فصاحة وقوة المعنى، ولا يتمكن أحد من الإتيان بكلام يساوي القرآن] في [هذين الوصفين. والعرب تقول] في [البناء الوثيق الذي لا يمكن حله: محكم. فهذا معنى وصف جميعه بأنه محكم.
وأما ما دل على أنه بكليته متشابه، فهو قوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ (٢٣)} [الزمر: ٢٣]، والمعنى: أنه يشبه بعضه بعضًا في الحُسن ويصدِّق بعضه بعضًا. وإليه الإشارة بقول الله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء: ٨٢]، أي: لكان بعضه واردًا على نقيض الآخر، ولتفاوت نسق الكلام في الفصاحة