واعلم أنه تعالى لما بيَّن أن الزائغين يتبعون المتشابه، بيَّن أن لهم فيه غرضين: فالأول: قوله تعالى: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}.
والثاني: قوله: {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}.
فأما الأول: فاعلم أن الفتنة في اللغة: الاستهتار بالشيء والغلو فيه.
يقال: فلان مفتون بطلب الدنيا، أي: قد غلا في طلبها وتجاوز القدر.
وذكر المفسرون في تفسير هذه (الفتنة) وجوهًا: أولها: قول الأصم: إنهم متى أوقعوا تلك المتشابهات في الدين، صار بعضهم مخالفًا للبعض في الدين، وذلك يفضي إلى التقاتل، والهرج والمرج، فذاك هو (الفتنة).
وثانيها: أن التمسك بذاك المتشابه يقرر البدعة والباطل في قلبه، فيصير مفتونًا بذلك الباطل، عاكفًا عليه، لا ينقلع عنه بحيلة البتة،