ومما تأخر حكمه عن نزوله: قوله سبحانه وتعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر)[القمر: ٤٥]. قال عمر بن الخطاب: فقلت: أي جمع؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش، نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتاً بالسيف يقول:" سيهزم الجمع ويولون الدبر ". فكانت يوم بدر. أخرجه الطبراني في الأوسط.
وكذا قوله تعالى:(جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب)[ص: ١١]. قال قتادة - رحمه الله تعالى -: وعده الله عز وجل - وهو يومئذ بمكة - أنه سيهزم جند من المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر. أخرجه ابن أبي حاتم.
وكذا قوله تعالى:(قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد)[سبأ: ٤٩] أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله تعالى: (قل جاء الحق)، قال: السيف. والآية مكية متقدمة على فرض القتال. وكذا ذكره السيوطي - رحمه الله تعالى -، أن هذه الآيات الثلاثة من هذا الباب. والظاهر أنها ليست منه، بل هي وعد يأتي، فحكمها ثابت من حال نزولها وهو الإيمان بمضمونها، وظهورها يأتي في وقت مستقل كما أخبر الله سبحانه وتعالى.