من الأول قوله تعالى:{وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام}[الأنبياء: ٨]، أي بل هم جسداً يأكلونه، ومن الثاني قوله تعالى/:{لا يسئلون النسا إلحافاً}[البقرة: ٢٧٣]، أي: لا سؤال لهم أصلاً، فلا يحصل منهم إلحاف.
وكذا قوله تعالى:{ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع}[غافر: ١٨]، أي: لا شفيع لهم أصلاً، وقوله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين (٤٨)} [المدثر: ٤٨] بدليل قوله تعالى: {فما لنا من شافعين (١٠٠)} [الشعراء: ١٠٠]. ويسمى هذا النوع عند أهل البديع: نفي الشيء بإيجابه.
وعبارة ابن رشيق في تفسيره: أن يكون ظاهر إيجاب الشيء وباطنه نفيه، بأن ينفي ما هو من سببه كوصفه وهو المنفي في الباطن.
وعبارة غيره: أن ينفي الشيء مقيداً، والمراد نفيه مطلقاً، مبالغة في النفي وتأكيداً له، ومنه قوله تعالى:{ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به}[المؤمنون: ١١٧]، فإن لا إله مع الله لا يكون إلا عن غير برهان. وقوله تعالى:{ويقتلون النبين بغير حقٍ}[آل عمران: ٢١] فإن قتلهم لا يكون إلا بغير الحق.