قال بعض الأئمة: وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام، فإنما يقع في خطاب الله تعالى على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل. وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازاً.
وألف في ذلك العلامة شمس الدين ابن الصائغ كتاباً سماه «روض الأفهام في أقسام الاستفهام»، قال فيه: قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعانٍ، أو أشربته تلك المعاني، ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة، خلافاً للصفار.
الأول: الإنكار، والمعنى فيه على النفي، وما بعده منفي، ولذلك تصحبه «إلا»، كقوله تعالى:{فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}[الأحقاف: ٣٥]، {وهل نجزي إلا الكفور}[سبأ: ١٧]، وعطف عليه المنفي في قوله تعالى:{فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين}[الروم: ٢٩]، أي لا يهدي، ومنه قوله تعالى:{أنومن لك واتبعك الأرذلون}[الشعراء: ١١١]، وقوله تعالى:{أنؤمن لبشرين مثلنا}[المؤمنون: ٤٧] أي لا نؤمن. {أم له البنات ولكم البنون (٣٩)} [الطور: ٣٩]، {ألكم الذكر وله الأنثى (٢١)} [النجم: ٢١] أي لا يكون هذا. {أشهدوا خلقهم}[الزخرف: ١٩] أي ما شهدوا ذلك. وكثيراً ما يصحبه التكذيب وهو في الماضي بمعنى «لم يكن»، وفي المستقبل بمعنى «لا يكون» نحو قوله تعالى: {أفأصفاكم ربكم بالبنين .... }[الإسراء: ٤٠] الآية، أي لم