هودًا أو نصارى} [البقرة: ١١١] أي: وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا اليهود، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا النصارى، وإنما سوغ الإجمال في اللف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى، فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الآخر إلى الجنة، فوثق بالعقل في أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن، اللبس.
وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران.
قال الحافظ السيوطي- رحمه الله تعالى- قلت: وقد يكون الإجمال في النشر لا في اللف؛ بأم يؤتى بمتعدد، ثم بلفظ مشتمل على متعدد يصلح لهما، كقوله تعالى:{حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}[البقرة: ١٨٧]، على قول أبي عبيدة: إن «الخيط الأسود» أريد به الفجر الكاذب، لا الليل. والتفصيلي قسمان:
أحدهما: أن يكون على ترتيب اللف، كقوله تعالى:{ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله}[القصص: ٧٣]، فالسكون راجع إلى الليل، والابتغاء راجع إلى النهار.
وقوله تعالى:{ولا تجعل يدك مغلولةً إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملومًا محسورًا}[الإسراء: ٢٩]، فاللوم راجع إلى البخل، ومحسورًا راجع إلى الإسراف، لأن معناه: منقطعًا لا شيء عندك.