للآية الكريمة مناسبة؛ لأنها على حسب الوقائع [المتفرقة. وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع] تنزيلاً وعلى حسب الحكمة ترتيبًا وتأصيلاً، فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ، مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف، كما أنزل جملة إلى بيت العزة؛ ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر، والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة، م وجه مناسبتها لما قبلها؟ ففي ذلك علم جم، وهكذا في السور، يطلب وجه اتصالها بما قبلها، وما سيقت له. انتهى.
وقال الإمام الرازي في سورة (البقرة): ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة، وفي بدائع ترتيبها، على أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه، وشرف معانيه، فهو أيضًا بسبب ترتيبه ونظم آياته، ولعل الذين قالوا: إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك، إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار، وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل:
والنجم تستصغر الأبصار صورته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
أقول: ومن نظر في ترتيب هذه السورة الشريفة، أعني سورة (البقرة)، رأى لطائف وحسن ترتيب عجيب؛ لأنها من أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وكان الساكنون بها على ثلاث أقسام: قسم مؤمنون بالنبي صلى الله عليه وسلم