وقال بعضهم: الفرق بين التخلص والاستطراد؛ أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية، وأقبلت على ما تخلصت إليه، وفي الاستطراد [تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه] مرورًا كالبرق الخاطف، ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده، وإنما عرض عروضًا.
قيل: وبهذا يظهر أن ما في سورتي (الأعراف) و (الشعراء) من باب الاستطراد لا التخلص، لعوده في (الأعراف) إلى قصة موسى بقوله: {ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق ... } إلى آخره [الأعراف: ١٥٩]، وفي (الشعراء) إلى ذكر الأنبياء والأمم.
ويقرب من حسن التخلص: الانتقال من حديث إلى آخر؛ تنشيطًا للسامع، مفصولاً بهذا، كقوله:[تعالى] في سورة (ص) بعد ذكر الأنبياء: [{هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآبٍ}، فإن هذا القرآن نوع من الذكر، لما انتهى ذكر الأنبياء]، وهو نوع من التنزيل، أراد أن يذكر نوعًا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها، ثم لما فرغ قال:{هذا وإن للطاغين لشر مآبٍ}[ص: ٥٥] فذكر النار وأهلها.