مواضع، إعلامًا بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله، أي بأي نظم جاءوا، وبأي عبارة عبروا.
ومنها: أنه لما تحداهم قال: {فأتوا بسورةٍ من مثله}[البقرة: ٢٣]، فلو ذكرت القصص في موضع واحد واكتفى بها لقال العربي: ايتونا أنتم بسورة من مثله، فأنزلها سبحانه و [تعالى] في تعداد السور دفعًا لحجتهم من كل وجه.
ومنها: أن القصة (الواحدة)(لو كررت) كان في ألفاظها في كل موضع زيادة ونقصان وتقديم وتأخير، وأتت على أسلوب (غير أسلوب الأخرى)، فأفاد ذلك ظهور الأمر العجيب في إخراج المعنى الواحد في صور متباينة في النظم وجذب النفوس إلى سماعها لما جلبت عليه من حب التنقل في الأشياء المتجددة واستلذاذها بها، وإظهار خاصة القرن حيث لم يحصل من تكرار ذلك فيه هجنة في اللفظ، ولا ملل عند سماعه، فباين ذلك كلام المخلوقين. انتهى.
قلت: وقد ظهر لي في وجه في أسرار تكرار القصص غير ما تقدم، وقد أشرت إليه فيما سبق في نوع أسماء السور، وهو أن الله تعالى ذكر كل قصة في سورة من سور القرآن لغير المعنى الذي ذكر حاله في السورة الأخرى، فإن القصة الواحدة تشير إلى معان متعددة، فيكون في بعض السور مساق الكلام: صبر النبي صلى الله عليه وسلم على إيذاء الكفار، والتسلية له بذكر قصص الأنبياء عليه السلام وأنهم صبروا وأوذوا أذى عظيمًا، فتساق القصص على هذا المعنى، وفي بعض