للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: هذه مسألة فيها حيف على المعنى، وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان؟ . فليس للإنسان موضع من الإنسان؛ بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته، ودللت على ذلته، كذلك القرآن، لشرفه لا يشار إلى شيء فيه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه، ومعجزة لمحاوله، وهدى لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض [الله] [جل شأنه] في كلامه وأسراره في كتابه؛ فلذلك حارت العقول، وتاهت البصائر عنده.

وقال الخطابي: ذهب الأكثرون من علماء النظر، إلى أن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة، لكن صعب عليهم تفصيلها، وصغوا [فيه] إلى حكم الذوق.

قال: والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة، ومراتبها في درجات البيان متفاوتة؛ فمنها البليغ الرصين الجزل، ومنها الفصيح القريب السهل، ومنها الجائز الطلق الرسل؛ وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود؛ فالأول أعلاها، والثاني أوسطها، والثالث أدناها وأقربها، فجازت بلاغة القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة، وأخذت من كل نوع شعبة، فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع بين صفتي الفخامة والعذوبة، وهما على الانفراد

<<  <  ج: ص:  >  >>