له] في [حفظ] صفاته، ودعاء إلى طاعته، وبيان لطريق عبادته، من تحليل وتحريم وحظر وإباحة، ومن وعظ وتقويم، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، وإرشاد إلى محاسن الأخلاق، وزجر عن مساويها، واضعًا كل شيء [منها] موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه، ولا يتوهم من صورة العقل أمر أليق به منه، مودعًا أخبار القرون الماضية، وما نزل من مثلات الله بمن مضى، منبئًا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان، جامع في ذلك بين الحجة والمحتج له، والدليل والمدلول عليه؛ ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه، وإنباء عن وجوب ما أمر به ونهى عنه.
ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور، والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عن قوى البشر، ولا تبلغه [قدرتهم]، فانقطع الخلق دونه، وعجزوا عن معارضته بمثله، أو مناقضته في شكله. ثم صار المعاندون له يقولون مرة: إنه شعر لما رأوه منظومًا، ومرة إنه سحر لما رأوه معجوزًا عنه، غير مقدور عليه، وقد كانوا يجدون له وقعًا في القلوب، وقرعًا في النفوس، يريبهم ويحيرهم، فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعًا من الاعتراف، ولذلك قالوا: إن له حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وكانوا مرة لجهلهم يقولون:{وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً}[الفرقان: ٥]، مع