الثاني: صورة نظمه العجيب، والأسلوب الغريب، المخالف لأساليب كلام العرب، ومنها نظمها ونثرها الذي جاء عليه، وقفت عليه مقاطع آياته وانتهت إليه فواصل كلماته، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له. قال: كل واحد من هذين النوعين: الإيجاز والبلاغة بذاتها، والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق، لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما، إذ كل واحد خارج عن قدرتها، مباين لفصاحتها وكلامها، خلافًا لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب.
الثالث: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن، فوجد كما ورد.
الرابع: ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة، والأمم البائدة، والشرائع الدائرة، مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك، فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على [نصه]؛ وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب.
قال: فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينة [لا نزاع] فيها.
ومن الوجوه في إعجازه غير ذلك أي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها، فما فعلوا ولا قدروا على ذلك، كقوله:[تعالى] لليهود: {فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدًا}[البقرة: ٩٤، ٩٥]، فما تمناه [واحد] منهم، وهذا الوجه داخل في الوجه الثالث.
ومنها الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سامههم، والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته، وقد أرسلهم جماعة عند سماع آيات منه، كما وقع لجبير بن