واختار أبو نصر القشيري وغيره التفاوت، فقال: لا ندعي أن كل ما في القرآن أرفع الدرجات في الفصاحة، وكذا قال غيره: في القرآن الأفصح والفصيح.
وإلى هذا نجا الشيخ عز الدين عبد السلام، ثم أورد سؤالاً وهو أنه: لم لم يأت القرآن جميعه بالأفصح؟
وأجاب عنه الصدر موهوب الجزري، بما حاصله: أنه لو جاء القرآن على ذلك، لكان على النمط المعتاد في كلام العرب من الجمع بين الأفصح والفصيح، فلا تتم الحجة في الإعجاز، [فجاء] على نمط كلامهم المعتاد، [ليتم ظهور الإعجاز] عن معارضته ولا يقولوا مثلا: أتيت بما لا قدرة لنا على جنسه؛ كما لا يصح من البصير أن يقول للأعمى: قد غلبتك بنظري؛ لأنه يقول له: إنما تتم لك الغلبة، لو كنت قادرًا على النظر، وكان نظرك أقوى من نظري، فأما إذا فقد أصل النظر، فكيف [يصح] مني المعارضة.
قلت: وما ذكره غير متجه، بل الوجه ما ذكره القاضي: أنه كله في أعلى طبقات الفصاحة، وأرفع مراتب البلاغة، فليس منه الفصيح والأفصح بل كله بلغ أعلى رتب الفصاحة والبلاغة، متناسب ومتشاكلة ألفاظه بحسب المقام الذي سيقت، ويرشده إلى ذلك ما أخذ العلماء في نكت القرآن. وكون بعض الألفاظ جاءت في بعض المواضع معرفة، وفي بعضها منكرة، وفي بعض