إلى طرف الشام، وكانوا أمما عظيمة وقبائل فخيمة، فدعاهم إلى الله سبحانه وتعالى، وأمرهم بتوحيد الصانع، وترك عبادة ما سواه، ونهاهم عن المعاصي، والفسوق، والجور، والبغي، والعدوان. وندبهم إلى الصدقة والبر والإحسان، فكذبوه وبالغوا في إنكار ما جاء به، وطلبوا علامة على صدق ما جاء به، فخلق الله سبحانه وتعالى ناقة عظيمة ولها فصيل صغير.
وكانت تحلب اللبن الكثير المقيت لجمع كبير منهم، بحيث يتعذر ولا يمكن في المعتاد أن تحلب ناقة من نياق الخلق، وكانت هذه معجزة وكرامة من الله سبحانه وتعالى لنبيه صالح عليه السلام، وأخرج الله - جل شأنه - تلك الناقة من صخرة صماء، وكانت في غاية الكبر والعظم، واستخراج منها فصيلها، وكانت ترد بئر الحجر يوما وقبائل ثمود يوما، وتشرب جميع ما في البئر وتحلب كما تقدم، وتكفيهم جميعهم، فلم يفدهم ذلك، بل أصروا على الإنكار والعناد، وينسبون ذلك إلى السحر والخيال، وعقروا ناقته، وذبحوا فصيلها، فغضب الله -جل شأنه- لذلك، وأمر ملكا من ملائكته، فصاح بهم صيحة عظيمة، فهلكوا عن أمرهم غير صالح عليه السلام ومن آمن به، ورفع المدائن وقلبها على وجهها، وكانوا أقوى الأمم أجسادا وأعظمهم أجساما، كذلك قوم عاد، حتى كانت بيوت ثمود (وهؤلاء) كلها من الصخر المنقور، فأهلكهم الله سبحانه وتعالى.