عظيم، وأما أنا فابتلاني الله -جل شأنه- بفقد يوسف فبكيت حتى ذهب بصري ونحل جسمي، وكنت أتسلى بهذا الغلام الذي حبسته عندك، فزعمت أنه سارق، وإن الله تعالى قد طهرنا من جميع الرذائل، فالله من علي به ولا تفقدني إياه، واتق دعوة المظلوم فإنها لا تحجب عن الله، فإن لم ترسل إلي ابني دعوت عليك دعوة تلحقك وتلحق السابع من ابنك.
فلما وصل الكتاب إلى يوسف وعدهم في غد أن يعيد لهم الجواب. ثم خرج في اليوم الثاني في أحسن الهيئة وأعظم الزينة، ودعا أولاد يعقوب عليه السلام فسألهم هل تعرفون شيئا من اللغات، وقراءة الكتب؟ وكان روبائيل وهو أكبرهم يعرف من اللغات سبعين لغة، فقال له: أنا أعرف سبعين لغة، فأمر فأتي بحق ففتحه، فاستخرج منه كتابا فدفعه إلى روبائيل، فلما نظر روبائيل الكتاب وتأمله تغير لونه وسقط من يده، فنظر فيه يهودا ودار الكلام بينهم، فقالوا: هذا الكتاب الذي كتبناه يوم بيع يوسف. فقال لهم العزيز: ما لكم تتشاورون؟ فأجاب شمعون: بأن الكتاب قد تقادم عهده، وقد امتحى الخط. فقال لهم: كذبتم ليس الشأن كذلك، وإنما هذا كتاب بيعكم أخاكم، وقد استحققتم بفعلكم غاية التأديب والعقوبة، فلما رأوا تشديده وتصميمه عليهم، وكانت لهم همم عظيمة وأحوال فخيمة، قال شمعون: أنا أكفيه هو وجنوده وأهل بلده، وكان إذا صاح صيحة الغضب وقع على وجهه كل من يسمعه، ولا يسكن غضبه إلا إذا وضع أحد من أولاد يعقوب عليه السلام يده عليه أو لمسه، فلما توجه ليفعل ذلك وعلم يوسف عليه السلام منه ما أراده أرسل ابنه أفراثيم، وقال اذهب إلى هذا الشيخ المبارك وأدخل يدك فيه إلى أن تمس