للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حقوق الله عز وجل فجمع أصحابه وإخوانه واستشارهم قائلًا: إن موسى لم يكفه ما كلفكم به من الأوامر فأراد الآن أن يشارككم في أموالكم، قالوا له: الرأي ما ترى. فأحضر قارون امرأة بغيًا وأوعدها أن يوسع لها في العيش، وأن يعطيها جانبًا عظيمًا من حطام الدنيا وأن تقذف موسى بنفسها، فامتثلت ما أشار به عليها قارون، فلما خرج موسى عليه السلام في مشهد من مشاهد بني إسرائيل، وقد اجتمع الناس في ذلك الموضع، فخطبهم موسى عليه السلام، وأمرهم ونهاهم وأخبرهم بحدود، فقال: من سرق قطعت يده، ومن زنى وهو محصن رجم، وإن لم يكن محصنًا جلد مائة جلدة، ومن قذف مسلمًا جلد ثمانين جلدة.

فقام إليه قارون قائلًا: وإن كان أنت يا نبي الله؟ فقال: نعم. فقال: إن قومًا يزعمون أنك فجرت بفلانة البغي. فقال: ادعوها، فإن قالت ذلك فهو كما تقول، فلما أقبلت عزم موسى عليه السلام عليها القسم، وقال لها: أسألك بالذي لا إله إلا هو الذي فلق البحر لبني إسرائيل فأنجاهم من فرعون وجنوده إلا ما صدقتني، فأوقع الله -جل شأنه- في قلبها التوبة والإنابة وسبقت لها العناية، فقالت: لا والله يا نبي الله لم يكن شيء من ذلك، وإنما قارون هو الذي أشار علي بالافتراء والبهتان، فغضب موسى عليه السلام من ذلك، ودعا عليه أن تأخذه الأرض، فأخذته الأرض، فاستغاث بموسى عليه السلام فلم يغثه لشدة الغضب، ودعا أن تأخذه فلم يزل يناشده الله والرحم، وموسى لا يصغي إلى قوله إلى أن ذهبت به الأرض. وأصبح الملأ من بني إسرائيل يتحدثون أن موسى إنما دعا على قارون ليرث ماله ويأخذ ما عنده، فدعا موسى عليه السلام أن يخسف الله بما عنده وبما تحتوي به دوره من الأموال. وذلك قول الله -جل شأنه- في كتابه المبين: {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئةٍ ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين (٨١)} [القصص: ٨١].

<<  <  ج: ص:  >  >>