القلب بيت الحق الحقيقي، ومسكنه الحقيقي يسع الحق -جل شأنه-، وما تسعه أرض، ولا سماء، ولا عرش، ولا كرسي، محرم عن وجود ما سواه فيه، أو حضور ما عداه به.
{إلى المسجد الأقصى}[الإسراء: ١] مجمع الأرواح، وحقيقة الحقائق، وأصل الفيض، وممتد الإيجاد؛ وإنما سمي «أقصى» لكونه أبعد الموجودات، وأعلاها، وأرقاها.
{لنريه من آياتنا}[الإسراء: ١] إذا فني في الروح الكلي رأى {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}[فصلت: ٥٣] فإذا دخل عالم السر وحان، ورفض عالم الناسوت، شهد الأشياء على ما كانت عليه قبل أن تكون، منفردًا ليس معه شيء، وكان الله ولا شيء معه، وهو الآن على ما كان.
{إنه هو السميع البصير}؛ أي محمد لما فني فناء صار هو السميع البصير، «لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ... » إلى آخر الحديث.