لا بالتقليد، وينفتح له ما استغلق إذ بيده الإقليد. وأما من اقتصر على غير هذا من العلوم، أو قصر في إنشاء المنثور والمنظوم، فإنه بمعزل عن فهم غواميض الكتاب، وعن إدراك لطائف ما تضمنه من العجب العجاب، وحظه من علم التفسير إنما هو نقل أسطار، وتكرار محفوظ على مر أعصار، ولتباين أهل الإسلام في إدراك فصاحة الكلام، وما به تكون الزجاجة في النظام، اختلفوا فيما به إعجاز القرآن، فمن توغل في أساليب الفصاحة وأفانينها، وتقول في معارف الآداب وقوانينها، أدرك بالوجدان أن القرآن أتى في غاية من الفصاحة لا يوصل إليها، ونهاية من البلاغة لا يمكن أن يحام عليها، فمعارضته عنده غير ممكنة للبشر، ولا داخلة تحت القدر، ومن لم يدرك هذا المدرك، ولا سلك هذا المسلك، رأى [أنه] من نمط كلام العرب، وأن مثله مقدور لمنشئ الخطب. فإعجازه عنده إنما هو بصرف الله تعالى إياهم عن معارضته ومناظرته، وإن كانوا قادرين على مماثلته. والقائلون بأن الإعجاز وقع بالصرف هو من نقصان الفطرة الإنسانية، في رتبة بعض النساء حين رأت زوجها يطأ جارية فعاتبته، فأخبر أنه ما وطأها،