عليهم أن «بلي» لا يجاب بها [الإيجاب باتفاق لكن في كتب الحديث ما يقتضي أنه يجاب بها الاستفهام] المجرد من النفي، ففي صحيح البخاري في كتاب «الأيمان»[أنه] عليه السلام قال [لأصحابه: أترضون] أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا:(بلى)، وفي «صحيح مسلم» في كتاب الهبة: [أيسرك] أن يكونوا كل في البر / سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن، وفيه أيضاً: أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب: بلى، وليس لهؤلاء الجماعة أن يحتجوا بذلك؛ لأنه قليل فلا يتخرج عليه التنزيل، انتهى كلام / ابن هشام [في «المغني»].
أقول: ما ذهب إليه السهيلي ومن تبعه في غاية الحسن؛ لأن من المعلوم المقرر أن الاستفهام التقريري والتوبيخي في معنى النفي، وليس من أدوات النفي، والنفي إذا دخل على النفي صار إثباتاً فينحل المعنى. [«ألست بربكم»]؟ قالوا: بلى، مجيبين [بالإثبات]، فكلام السهيلي متجه، [وما نقل] عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -[لم يثبت]، والحاصل: أن [بلى إذا كانت للنفي الخالص] أفادت إبطاله، نحو:{زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي}[التغابن: ٧]، أي: يبعثون، [وقوله تعالى:{ألم يأتيكم نذير قالوا بلى}[الملك: ٨، ٩]، فهو مثل:{ألست بربكم}[الأعراف: ١٧٢]، وبلى