وجه الخبر فهو موحد، كالآية السابقة، ووجه على معنى: عسى الأمر أن يكون كذا، وما كان على الاستفهام فإنه يجمع نحو قوله تعالى:{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا}[محمد: ٢٢]، قال أبو عبيدة: معناه هل عدوتم ذلك؟ هل جزتموه، وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: كل عسى في القرآن فهي واجبة، وقال ابن الأنباري: عسى في القرآن واجبة إلا موضعين: أحدهما: {عسى ربكم أن يرحمكم}[الإسراء: ٨]، يعني بني النضير، فما - رحمهم الله تعالى -، بل قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوقع عليهم العقوبة. الثاني:{عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزوجاً}(التحريم: ٥] فلم يقع التبديل، وأبطل بعضهم الاستثناء، وعمم القاعدة؛ لأن الرحمة كانت مشروطة بأن لا يعودوا، كما قال عمن قاتل:{وإن عدتم عدنا}[الإسراء: ٨]، وقد عادوا، فوجب عليهم العذاب، والتبديل مشروط بأن يطلق، [ولم يطلق]، فلا يجب. وفي «الكشاف» في سورة (التحريم): عسى اطماع من الله لعباده، وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون على ما جرت عادة الجبابرة من الإجابة بلعل وعسى، ووقوع ذلك منهم موقع القطع والبت، والثاني: أن يكون جيء به تعليماً للعباد أن يكونوا بين الخوف والرجاء، وفي البرهان: عسى، ولعل من الله واجبتان، وإن كانتا رجاء وطمعاً في كلام المخلوقين؛ لأن الخلق هم الذين تعرض لهم الشكوك والظنون، والباري منزه عن ذلك، والوجه في استعمال هذه الألفاظ أن الأمور الممكنة لما كان الخلق يشكون فيها، ولا يقطعون على الكائن منها على الصحة، صارت لها نسبتان: نسبة إلى الله، تسمى نسبة قطع ويقين، ونسبة إلى المخلوق تسمى نسبة شك وظن، فصارت هذه الألفاظ لذلك ترد تارة بلفظ