فيحتمل الماضي القريب، والماضي البعيد فإن قلت: قد قام، اختص بالقريب.
قال النحاة: وينبني على إفادتها ذلك أحكام، منها: منع دخولها على «ليس»، و «عسى»، و «نعم»، و «بئس»، فإنهن للحال، فلا معنى لذكر ما يقرب ما هو حاصل، ولأنهن لا يفدن الزمان.
ومنها وجوب دخولها على الماضي الواقع حالاً، إما ظاهرة، نحو قوله تعالى:{وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا}[البقرة: ٢٤٦]، أو مقدرة، نحو قوله تعالى:{هذه بضاعتنا ردت إلينا}[يوسف: ٦٥]، {أو جاءكم حصرت صدورهم} (النساء: ٩٠]، خالف في ذلك الكوفيون والأخفش، فقالوا: لا يحتاج لذلك؛ لكثرة وقوعه حالاً بدون «قد»، وقال السيد الجرجاني والعلامة الكافيجي: ما قاله البصريون غلط، سببه اشتباه لفظ الحال عليهم في أن الحال الذي تقر به «قد» حال الزمان، والحال المبين للهيئة حال الصفات، وهما متغايران.
المعنى الثالث: التقليل مع المضارع، قال في «المغني»: وهو ضربان: تقليل وقوع الفعل، نحو: قد يصدق الكذوب، وتقليل متعلقة، نحو قوله:{قد يعلم ما أنتم عليه}[النور: ٦٤]، [أي: ما هم] عليه هو أقل معلوماته تعالى، قال: وزعم بعضهم أنها في هذه الآية ونحوها للتحقيق. انتهى، وممن قال بذلك الزمخشري، وقال: إنها دخلت لتوكيد العلم، ويرجع ذلك إلى توكيد الوعيد، أقول: وما قاله الزمخشري هو الظاهر في معنى الآية، إذ التقليل فيها تعسف، والله أعلم.
الرابع: التكثير، ذكره سيبويه وغيره، وخرج عليه الزمخشري قوله تعالى: