وادعى الزمخشري أيضاً أنها لتأبيد النفي، كقوله تعالى:{لن يخلقوا ذباباً}[الحج: ٧٣]، {ولن تفعلوا}[البقرة: ٢٤]. قال ابن مالك: وحمله على ذلك اعتقاده في قوله تعالى: {لن تراني}[الأعراف: ١٤٣] أن الله لا يرى، ورد غيره: بأنها لو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في قوله تعالى: {فلن أكلم اليوم إنسياً}[مريم: ٢٦]، ولم يصح التوقيت في قوله تعالى:{لن تبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى}[طه: ٩١]، ولكان ذكر «الأبد» في قوله تعالى: {ولن يتمنوه أبداً [البقرة: ٩٥] تكراراً، والأصل عدمه واستفادة التأبيد في قوله تعالى: {لن يخلقوا ذبابا} من خارج، ووافقه على إفادة التأبيد ابن عطية، وقال في قوله تعالى:{لن تراني}[الأعراف: ١٤٣]: لو بقينا على هذا النفي لتضمن أن موسي لا يراه أبداً، ولا في الآخرة، ولكن ثبت في الحديث المتواتر أن أهل الجنة يرونه، وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري، فقال: إن «لن» لنفي ما قرب وعدم امتداد النفي، و «لا» يمتد معها النفي، قال: وسر ذلك أن الألفاظ مشكلة للمعاني، و «لا» آخرها الألف، و [الألف] يمكن امتداد الصوت بها، بخلاف النون، فطابق كل لفظ معناه، قال: ولذلك أتى بـ {لن}: حيث لم يرد به النفي مطلقاً، بل في الدنيا حيث قال تعالى:{لن تراني}، ويلاقي قوله تعالى:{لا تدركه الأبصار}[الأنعام: ١٠٣]، حيث أريد نفي الإدراك على الإطلاق، وهو مغاير للرؤية.