للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحيث وقع ضمير أو إشارة بين مبتدأ وخبر، أحدهما مذكر والآخر مؤنث جاز في الضمير والإشارة: التذكير والتأنيث، كقوله تعالى: {قال هذا رحمة من ربي} [الكهف: ٩٨]، فذكر، والخبر مؤنث؛ لتقدم السد، وهو مذكر، وقوله تعالى: {فذانك برهان من ربك} [القصص: ٣٢]، ذكر والمشار إليه اليد والعصا، وهما مؤنثان لتذكير الخبر، وهو {برهانان}.

وكل أسماء الأجناس [يجوز فيها] التذكير حملاً على الأجناس والتأنيث حملاً على الجماعة، كقوله تعالى: {أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: ٧]، {أعجاز نخل منقعر} [القمر: ٢٠]، {إن البقر تشابه علينا} [البقرة: ٧٠]، وقرئ: «تشابهت»، {السماء منفطر به} [المزمل: ١٨]، {إذا السماء انفطرت} [الانفطار: ١]، وجعل منه بعضهم قوله تعالى: {جاءتها ريح عاصف} [يونس: ٢٢]، {ولسليمان الريح عاصفة} [الأنبياء: ٨١].

وقد سئل: ما الفرق بين قوله تعالى: {فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت علي الضلالة} [النحل: ٣٦]، وقوله تعالى: {فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة} [الأعراف: ٣٠]؟

وأجيب بأن ذلك لوجهين:

لفظي، وهو كثرة حروف الفاصل في الثاني، والحذف مع كثرة الحواجز أكثر.

ومعنوي، وهو: أن «من» في قوله تعالى: {من حقت} راجعة إلى الجماعة، وهي مؤنثة لفظاً بدليل: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً}، ثم قوله تعالى: {ومنهم من حقت عليه الضلالة} [النحل: ٣٦]، أي: من تلك الأمم، ولو قال: «ضلت» لتعينت التاء، والكلامان واحد، وإذا كان معناهما واحداً كان إثبات التاء أحسن من تركها؛ لأنها ثابتة فيما هو معناه، وأما قوله تعالى: {فريقاً هدى ... }، الآية فالفريق يذكر، ولو قال: «فريق ضلوا» لكان بغير

<<  <  ج: ص:  >  >>