وقال ابن الزملكاني في «البرهان»: أطلق النحويون القول بأن زيداً في جواب من قام؟ فاعل، على تقدير: قام زيد، والذي توجبه صناعة علم البيان، أنه مبتدأ لوجهين:
أحدهما: أن يطابق الجملة المسؤول بها في الإسمية، كما وقع التطابق في قوله تعالى:{وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا}[النحل: ٣٠] في الفعلية، وإنما لم يطابق في قوله تعالى:{ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين}[النحل: ٢٤]، لأنهم لو طابقوا لكانوا مقرين بالإنزال، وهم من الإذعان به على مفاوز.
الثاني: أن اللبس لم يقع عند السائل إلا فيمن فعل الفعل، فوجب أن يتقدم الفاعل في المعنى، لأنه متعلق غرض السائل، وأما الفعل فمعلوم عنده، ولا حاجة به إلى السؤال عنه، فحري أن يقع في الأواخر التي هل محل التكاملات والفضلات.
وأشكل على هذا نحو قوله تعالى:{بل فعله كبيرهم}[الأنبياء: ٦٣] في جواب: {ءأنت فعلت هذا}[الأنبياء: ٦٢]، فإن السؤال وقع عن الفاعل لا عن الفعل، فإنهم لم يستفهموا عن الكسر، بل عن الكاسر، ومع ذلك صدر الجواب بالفعل، وأجيب بأن الجواب مقدر، دل عليه السياق، إذ «بل» لا تصلح أن يصدر بها الكلام، والتقدير:«ما فعلته، بل فعله» ... قال الشيخ عبد القاهر: حيث كان السؤال ملفوظاً به فالأكثر ترك الفعل في الجواب والاقتصار على الاسم وحده، وحيث كان مضمراً فالأكثر التصريح به، لضعف الدلالة عليه، ومن غير الأكثر نحو قوله تعالى:{يسبح له فيها بالغدو والأصال رجال}[النور: ٣٦، ٣٧] في