يا رسول الله، ما علمنا عليه إلا خيراً، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينا هو على ذلك رأى رجلاً مبيضاً يزول به السراب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كن أبا خيثمة»، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون، قال كعب: فلما بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توجه قافلاً من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بم أخرج من سخطه غداً؟ وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي، فلما قيل: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أظل قادماً زاح عني الباطل، حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدأ، فأجمعت صدقه، وأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادماً، وكان إذا قدم من سفر بداً بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المنافقون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل منهم علانيتهم وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، حتى جئت، فلما سلمت تبسم المغضب، ثم قال: تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه، فقال لي:«ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟ » قلت: يا رسول الله، إني والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، لقد أعطيت جدلاً، ولكني والله لقد علمت، لئن حدثتك اليوم حديث صدق تجد علي فيه، إني لأرجو فيه عقبي الله - عز وجل - وفي رواية: عفو الله -، (والله) ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك»، فقمت، وثار رجال من بني سلمة، فاتبعوني، فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنباً قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى