قول يورده، ومن يخطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده، ظاناً أن له أصلاً، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن يرجع إليهم في التفسير، حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة: ٧] نحو عشرة أقوال، وتفسيرها باليهود والنصارى، هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في ذلك اختلافاً بين المفسرين.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في علوم، فكان كل منهم يقتصر في تفسيره على الفن الذي يغلب عليه، فالنحوي تراه ليس له هم إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه، ونقل قواعد النحو، ومسائله، وفروعه، وخلافياته، كالزجاج، والواحدي في «البسيط»، وأبي حيان في «البحر» و «النهر».