أن جمع أبي بكر كان لخشيه أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته؛ لأنه لم يكن مجموعا في موضع واحد؛ فجمعه في صحائف مرتبا لآيات سوره على ما أوقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة حين قرأوه بلغاتهم على اتساع اللغات، فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئة بعض، فخشي من تفاقم الأمر في ذلك، فنسخ تلك المصحف في مصحف واحد، مرتبا لسوره، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش، محجا بأنه نزل بلغتهم، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم، رفعا للحرج والمشقة في ابتداء الأمر، فرأى أن الحاجة إلى ذلك انتهت، فاقتصر على لغة واحدة. انتهى.
وقال الحارث المحاسبي- نفع الله به-: المشهور عند الناس، أن جامع القرآن عثمان، وليس كذلك، إنما حمل عثمان الناس على قراءة بوجه واحد، على اختيار وقع بينه من شهده من المهاجرين والأنصار، لما خشي الفتنة عند اختلاف أهل الشام والعراق في حروف القرآن، فأما قبل ذلك فكانت المصاحف بوجوه من القراءات المطلقات على الحروف السبعة التي أنزل بها القرآن، وأما السابق إلى جمع الجملة فهو الصديق، وقد قال علي- كرم الله وجهه-: لو وليت لعملت بالمصاحف الذي عمل عثمان. انتهى.
فجمع عثمان رضي الله عنه، إنما هو لما رأى اختلاف الناس في القراءات على حسب لغاتهم، حتى كان يقول أحدهم: قراءتي خير من قراءتك. فلما بلغ عثمان ذلك، قال: هذا يكاد أن يكون كفرا.
وروى أيضا: أن الغلمان والمعلمين اقتتلوا على عهد عثمان رضي الله عنه بسبب