والحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم لشدة رغبته في حفظ القرآن وحرصه على أن لا يضيع شيء منه، كان إذا نزل عليه جبريل بالقرآن، يكرر ويردد ما يلقيه إليه قبل تمامه وكماله، خشية نسيان شيء منه، فأمره الله تعالى بأن يستمع لما يلقيه، وينصت له ولا يشتغل بالحفظ والتكرار، ويكفل له بأن لا يضيع ولا يذهب شيء منه، وأنه إذا فرغ جبريل من الإلقاء يجمع له في صدره، وينطق به لسانه على أحسن وجه وأتمه، ولا ينسيه منه شيئاً إلا ما شاء أن ينسيه إياه.
قال تعالى:(سنقرئك فلا تنسى. إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى)[الأعلى: ٧، ٦](سنقرئك): أي نعلمك القراءة على لسان جبريل، أو بطريق من طرق الوحي المشهورة، فلا تنسى ما تقرؤه. وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل جبريل بالوحي لم يفرغ من آخر الآية حتى يتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولها مخافة أن ينساها، فأنزل الله تعالى:(سنقرئك فلا تنسى) فلم ينس شيئاً بعد ذلك، إلا ما شاء الله أن ينساه، وهو مانسخ تلاوته من القرآن ورفع.
وقيل: إلا ما شاء الله أن تنساه لحكمة، ثم تذكره.
وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقرأ في الليل سورة، فقال: