وطلب كون (الفاتحة) وغيرها زيادة في شرفه، طلب لزيادة علمه وترقيه في مدارك الكمالات العلية، وإن كان كماله من أصله قد وصل الغاية التي لم يصل إليها كمال مخلوق. فعلم أن كلا من الآية الشريفة والحديث الصحيح، دال على أن مقامة صلى الله عليه وسلم وكماله يقبل الزيادة في العلم والثواب، وسائر المراتب والدرجات، وعلى أن غايات كماله لا حد لها ولا انتهاء، بل هو دائم في الترقي في تلك الغايات العلية، والمقامات السنية، لا يطلع عليه ولا يعمل كنهه إلا الله تعالى، وعلى أن كماله صلى الله عليه وسلم مع جلالته لا يمنع احتياجه إلى مزيد ترقي واستمداد من فيض فضل الله، وجوده وكرمه الذي لا غاية له ولا انتهاء. ثم أطال في هذا الجواب واستدل على ذلك بالأدلة.
وسئل أيضا شيخ الإسلام أبو يحيى زكريا الأنصاري الشافعي- رحمه الله تعالى- عن واعظ قال: لا يجوز إجماعا لقارئ القرآن والحديث أن يهدي مثل ثواب ذلك في صحائف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه أفتى المتقدمون والمتأخرون؟
فأجاب: / بأن ما ادعاه هذا الواعظ، القليل المعرفة، يستحق بكذبه على الإجماع العزير البالغ، وزعمه أنه لا يجوز، والعجب له كيف سانح له دعوى إجماع المسلمين، وإفتاء المتقدمين والمتأخرين على عدم الجواز، وهل هذا إلا مجازفة في دين الله تعالى، فإن جوازه- كما ترى- شائع ذائغ في الأعصار والأمصار. وأطال في الجواب عن ذلك.