وثالثها: لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته، ولم ينسخ إلا أولئك، وهو قريب من الثاني.
رابعها: أن المراد بجمعه: تلقية من في رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بواسطة، بخلاف غيرهم، فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة.
خامسها: أنهم تصدوا لتعليمه فاشتهروا به، وخفي حال غيرهم عن من عرف حالهم، فحصر ذلك فيهم بحسب علمه، وليس الأمر في نفس الأمر كذلك.
سادسها: المراد بالجمع: الكتابة، فلا يبعد أن يكون غيرهم جمعه حفظا عن ظهر قلبه، وأما هؤلاء فجمعوه كتابة، وحفظوه عن ظهر قلب.
قال في فتح الباري: والذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر رضي الله عنه كان يحفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى مسجدا بفناء داره، فكان يقرأ فيه القرآن، وهو محمول على/ ما كان نزل منه إذ ذاك، وهذا مما لا يرتاب فيه مع شدة حرص أبي بكر رضي الله عنه على تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وفراغ باله له وهما بمكة، وكثرة ملازمة كل منهما للآخر. انتهى.