خاطئة على كل حال - وإنما يعنينا المضمون، فهو بيع للثمار قبل ظهور نضجها وصلاحها للأكل، بل لقد ذهب الناس أكثر من ذلك فأصبحوا يشترون الثمار قبل وجودها، وبمجرد ظهور الطَّلْع أي الزهر، وهذا خلل أكبر يجعل هذا البيع أكثر بطلاناً واشد إثماً، لأنه بيع المعدوم الذي قد لا يوجد.
وعلى كل حال علينا البيان، وعلى مَن آمن بالله تعالى وصدق برسوله - صلى الله عليه وسلم - وآمن بالوقوف بين يدي الله عزّ وجل، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أن يسمع ويذعن ويخضع لأمر الشرع، فيبتعد عمّا نهى عنه، ولو كان يظنّ في ذلك مصلحة له، على أن الضرر كل الضرر كامِن فيما يخالف أمر الله تعالى أو أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
نقول: إن بيع الثمار قبل بدو صلاحها - بالإضافة إلى ما ذكرناه من الجهالة بمقدار المبيع - فيه غرر كبير، إذ قد تأتي آفة عليه من صقيع أو مرض أو ما إلى ذلك فلا يخرج، وهنا يأخذ صاحب الشجر مالاً بدون عوض يبذله مقابل ما زعمه ثمناً لثمر أشجاره، فيكون أكلاً لأموال الناس بالباطل، وهذا ما صرح به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال:" أرأيْت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " وفي رواية فبم تستحل مال أخيك؟ (رواه البخاري في البيوع، باب: إذا باع الثمار قبل أن يبدوا صلاحها ... رقم: ٢٠٨٦. ومسلم: المساقاة، باب: وضع الجوائح، رقم: ١٥٥٥)
فبيع الثمار قبل بدوّ الصلاح حرام وباطل، وقد جاء النهي عنه صريحاً، ويحتمل الإثم البائع والمشتري. فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى يَبْدُوَ صَلاحُها، نهى البائعَ والمبتاعَ - أي المشتري " (البخاري: البيوع، باب: بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، رقم: ٢٠٨٢. ومسلم: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار قبل بدوّ صلاحها، رقم: ١٥٣٤).
وحكمة التشريع واضحة في واقع الناس، فقلّما تجد المتعاملين بهذا، أي الذين يَضْمَنُون ويُضمِّنون بلغة العامة، إلا ويختلفون ويختصمون، وربما