أدّى ذلك إلى إراقة الدماء أحياناً، نتيجة مخالفتهم لشرع الله عزّ وجل وإعراضهم عن نهيه - صلى الله عليه وسلم - وبيان حكمته، فأحرى بالمؤمنين، بل وبالناس أجمعين، أن يلتزموا شرع الله تعالى، لتكون لهم السعادة والرضا، ومَن ترك شيئاً لله عزّ وجل عوّضه الله تعالى خيراً منه.
وأما بيعه بعد بدوّ صلاحه وظهور نضجه فجائز، ودلّ على ذلك مفهوم الحديث السابق وغيره من الأحاديث التي سيأتي بعضها، فالنهى عن بيعها قبل بدوّ صلاحها يُفهم منه جواز بيعها بعد بدوّ صلاحها، والحكمة في ذلك واضحة: فإن آفات الثمار تصبح مأمونة غالباً بعد ذلك، لغلَظ الثمرة وكبر نواها، وأما قبله فتسرع إليها الآفات لضعف الثمر وصغَر نواه، ونحو ذلك.
فإذا بيع الثمر بعد نضجه كان للمشتري أن يُبْقيه على الشجر إلى أوان قطفه وقطعه، حسب العُرف الجاري والعادة المعمول بها، إلا إذا شرط البائع قطعه في الحال.
وضابط بدوّ الصلاح وظهور النضج:
فيما كان يتلوّن: أن يحمرّ أو يصفّر أو تظهر عليه علامات نضجه المعهودة.
وفي غير المتلوّن: أن تظهر عليه مبادئ النضج، ويتحقق فيه ما يُقصد منه، كحموضة أو حلاوة ولين تين، ونحو ذلك.
وفي الحديث:" نهى أن تُباع ثمرة النخل حتى تزهو، أو: يزهو. قيل: وما يزهو؟ قال: يَحْمَارُّ أو يصفارّ " وفيه: " حتى تُشْقِحَ. فقيل: ما تُشْقِحَ؟ قال: تحمارُّ وتصفارُّ ويُؤكَلُ منها ". (البخاري ومسلم: المواضع المشار إليها قبل قليل).
هذا ويجوز بيع الثمار قبل نضجها بشرط القطع، إذا كانت يُنتفع بها، كحصرم مثلاً، لانتفاء المانع من البيع وهو الغرر بإبقائها، وتحقق شرط المبيع وهو أن يكون منتفعاً به. فإذا كان المقطوع لا ينتفع به لم يصحّ، وكذلك إذا بيعت بشرط الإبقاء لما سبق، ومثل شرط الإبقاء إذا بيعت بدون شرط وكان