وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(أما الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الطعام أن يُبَاع حتى يُقبَضَ). قال ابن عباس:(ولا أحسَبُ كلّ شيء إلا مثْلَهُ). (البخاري: البيوع، باب: بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ما ليس عندك ٢٠٢٨، ٢٠٢٩. مسلم: البيوع، باب: بطلان بيع المبيع قبل القبض، رقم: ١٥٢٥، ١٥٢٧).
وهذا إذا كان البيع لغير البائع الأول، فإذا كان البيع لنفس البائع الأول كان باطلاً أيضاً إذا كان بغير الثمن الأول أو بمثله، لأنه بيع يدخل في عموم النهي.
أما إذا باعه للبائع الأول بنفس الثمن الذي اشتراه به، أو بمثله إن تلف الثمن الأول، كان صحيحاً، لأنه في الحقيقة إقالة من البيع الأول وليس بيعاً جديداً، وإن كان على صورة البيع.
ثانياً - البيوع المحرّمة غير الباطلة:
وهي البيوع التي ورد النهي عنها لا لنقص في أركانها ولا لخلل في شروطها، وإنما لأمر خارج عنها، ولذا يحكم بصحتها مع ثبوت التحريم لها والإثم على فاعلها. وهذه البيوع هي:
١ - بيع المُصَرّاة:
وهي الناقة أو البقرة أو الشاة، يترك حلبها عمداً أياماً ليجتمع اللبن في ضَرعها، فيتوهم المشتري كثرة اللبن فيها على الدوام، فيرغب بشرائها، وربما زاد في ثمنها.
فإذا وقع الشراء كان العقد صحيحاً، ولكن مع الحرمة، لما فيه من الغش والتدليس. فإذا علم المشتري بذلك ثبت له خيار الرد على الفور، لأنه في حكم خيار الرد بالعيب، فإذا ردّها وكان قد حلبها ردّ معها صاعاً من تمر بدل اللبن الذي أخذه، أو ردّ البن نفسه إذا رضي البائع بذلك.
وإن رضي بالشاة مع العلم بالتصرية لم يكن له شيء.
ودليل ما سبق: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تُصَرُّوا الإبل والغنم، فمن ابْتَاعها بعدَ ذلك فهو بخير النَّظَرّيْنِ بعد أن يَحْلُبها: إن