امس، ثم أعاد عليه بالغد، قال: قد قضيته. قال:"الآن بردت عليه جلده". (اخرجه احمد في مسنده: ٣/ ٣٣٠ من حديث جابر رضى الله عنه).
فقوله:"الآن بردت عليه جلده" يدل على ان الدَّيْن لم يتحوّل عن المدين ولم تبرأ منه ذمته بمجرد الضمان، ولو كان كذلك لبردت عليه جلده من حين الضمان. وإذا لم تبرأ ذمة المدين الأصيل من الدين فلصاحبه مطالبته به، كما يطالب الضامن لأنه التزم ذلك، فإذا حضر الكفيل الضامن والأصيل المضمون عنه، وكلاهما موسر، فلصاحب الدَّيْن أن يطلبه ويأخذه من أيّهما شاء، لأن الأصيل الدَّيْن ثابت في ذمته أصلاً، وأما الكفيل: فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الزعيم غارم". والزعيم هو الكفيل، فيغرم الدين ويطالب به اذا لم يؤدّه المدين:(الحديث اخرجه الترمذي في البيوع، باب: ما جاء في ان العارية مؤداة، رقم: ١٢٦٥ وغيره).
٢ - براءة الكفيل ببراءة الأصيل:
إذا أبرأ صاحب الحق المدين الأصيل من الدَّيْن برئ الضامن من المطالبة به، لأنه تبع للأصيل، وضمانه توثيق للدَّيْن، فإذا سقط الدَّيْن بالإبراء فقد سقطت الوثيقة.
وأما إذا أبرأ صاحب الحق الكفيل من ضمانه، أو من الدَّيْن والمطالبة به، فإنه لا تبرأ بذلك ذمة المدين الأصيل، وإنما تبرأ ذمة الضاضمن وحده. لأن إبراء الكفيل إسقاط لوثيقة الدين من غير قبض له، فلا يسقط الدَّيْن بإسقاط الوثيقة، كتمزيق الصك وفسخ الرهن.
ويتعلق بهذا ما إذا ضمن الضامن ضامن آخر، وهو ضمان صحيح، لأن الدين المضمون لازم وثابت في ذمته، فصحّ ضمانه، وعليه: يعتبر الدين ثابتاً في ذمم ثلاثة: الأصيل والضامن الأول والضامن الثاني، ولصاحب الحق أن يطالب أيّهم شاء.
فإذا أبرأ الاصيل برئت ذمم الجميع، وإذا أبرأ الضامن الأول برئت ذمة الضامن الثاني أيضاً معها ولم تبرأ ذمة الأصيل، وإذا أبرأ الضامن الثاني برئ وحده، ولم تبرأ ذمة الضامن الأول ولا ذمّة الأصيل.