إذا طالب الدائنُ صاحب الحق الكفيلَ بالدَّيْن، فهل للكفيل أن يطالب الأصيل المكفول بأداء الدين، ليخلصه من المطالبة؟ يُنظر:
فإن كان الضمان بإذن الاصيل المضمون عنه كان للكفيل الحق في أن يطالبه بتخليصه من المطالبة بأداء الدَّيْن، لأنه لزمته المطالبة والأداء عنه بإذنه وأمره، فكان له حق مطالبته بتبرئة ذمته.
وإن كان الضمان بغير إذن الأصيل لم يكن للضامن الكفيل حق مطالبته بذلك، لأنه لم يلتزم ما غرِّم به بإذنه، فلا يلزمه تبرئته وتخليصه منه.
هذا إذا طالب صاحب الحق الكفيل بالدَّيْن، فأما إذا لم يطالبه به: فالأصح أنه ليس له مطالبة الاصيل بتخليصه من التزاه طالما أنه لم يطالب بذلك.
٤ - حلول الدَّيْن المؤجل بالموت:
إذا مات الكفيل أو المكفول عنه حلّ الدَّيْن المؤجّل في حقه، وبقى الأجل في حق الطرف الثاني، لأن الموت مبطل للأجل، وقد وجد في حق أحدهما ولم يوجد في حق الآخر، والأجل منفعة له فلا يبطل في حق.
فإن كان المتوفّي هو الأصيل: فللضامن الكفيل أن يطالب صاحب الدَّيْن بأخذ الدَّيْن من تَرِكَته قبل أن يقتسمها الورثة، أو إبرائه من الكفالة، لأن التَرِكَة قد تذهب إلى أن يحين الأجل، فيغرّم هو.
وإن كان الميت هو الكفيل، وأخذ صاحب الدَّيْن دينه من تَركَته، فليس لورثته الرجوع على المكفول عنه قبل حلول أجل الدَّيْن، لأن الأجل باقٍ في حقه.
٥ - رجوع الكفيل على المكفول بما أدى عنه:
إذا أدّى المكفول عنه الدَّيْن برئت ذمته منه، كما تبرأ ذمة الكفيل، لأن ذمته شُغلت وثيقة بحق صاحب الدَّيْن، فانتهت الوثيقة بقبض الحق.
وكذلك تبرأ ذمتهما من حق المكفول له صاحب الدَّيْن إذا قضاه الكفيل، لأن صاحب الحق قد استوفاه من الوثيقة وهو الكفيل، فبرئت ذمة مَن عليه الحق وهو الأصيل، وتبرأ ذمة الكفيل تبعاً له، كما علمت.