خلاف السنة المتواترة أو الآحاد الصحيحة، أو كان خلاف الإجماع، أو القياس الجلي، وهو ما يقطع فيه بنفي الفارق بين الأصل والفرع، نقول: إذا كان حكمه خلاف أصل من هذه الأصول، وجب نقضه من قبل القاضي نفسه، أو من قبل غيره.
ويترتب على ذلك رد ما قضى به، وإعادته إلي ما يوافق الكتاب والسنة، أو الإجماع والقياس، وتصحيح الآثار التي ترتبت على ذلك الحكم. ودليل ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد ". (أخرجه البخاري [٢٥٥٠] في البيوع، باب: النجش، تعليقاً ووصله في الصلح باب: إذا اصطلحوا علي صلح جور فالصلح مرود، ومسلم [١٧١٨] في الاقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة، ورواه غيرهما عن عائشة رضي الله عنها).
والأمثلة على ذلك كثيرة في أقضية الصحابة ومن بعدهم، منها:
أكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يفاضل بين الأصابع في الدية، لتفاوت منافعها، حتى روي له الخبر في التسوية بينها، فنقض حكمه، ورجع عنه. رواه الخطابي في "المعالم ".
ب قضى عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه فيمن رد عبداً بعيب، أنه يرد خراجه معه، فأخبره عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الخراج بالضمان، فرجع عن حكمه، وقضى بأخذ الخراج من الذي أخذه. رواه الشافعي في مسنده.
ت ونقض على رضي الله عنه قضاء شُريح في ابني عم، أحدهما أخ لأم، بأن المال للأخ، متمسكاً بقوله تعالى:{وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (سورة الأنفال: ٧٥} قال له على رضي الله عنه: قال اله تعالي: {وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحدٍ منهما السدس}.
٢ - أما إذا كان حكمه الأول، إنما بناه على اجتهاد، أو على مقتضي قياس خفي، ثم تغير اجتهاده، فإنه لا ينتقض حكمه الأول، بل ينفذ على ما مضى، ويتغير