بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك.
وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم شيئاً منه، ولزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيته. قال جابر لسنا ننوي إلا الحج، لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم، فقرأ:
{وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فجعل المقام بينه وبين البيت، فكان يقرأ في الركعتين:
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله وكبره، وقال:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي، سعى حتى إذا صعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال:" لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلها عمرة. فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة " فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم لأبد، فشبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعة واحدة في الأخرى وقال:" دخلت العمرة في الحج، مرتين، لا بل لابد أبد " وقدم علي من اليمن ببدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد فاطمة ممن حل، ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا. قال: فكان علي يقول بالعراق: ذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متحرشا (١)
على فاطمة للذي صنعت مستفتياً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(١) التحريش: الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها ولومها ..